هاتها بشرى تمشّتْ في النفوسِ،
ونجومًا تتجلّى في الكـؤوسِ،
بنتُ كرمٍ أشرقتْ في كأسهـا،
فهي فجرٌ شعَّ في ليلٍ عبوسِ،
خفَّ صحبي نحوها وانتظموا،
حولها عقدًا على جيد عروسِ،
نشوة قد عقدتْ ألسنهم بعد،
ضـوضاء ومالتْ بالــرؤوسِ،
هذه الكأس تنزت في يدي ،
وعلا في حافتيها الحببو،
فهي تمثالُ بكفي قائمٌ
وشعاع بفمي ينسكبُ،
رُحت احسوها فأنست خاطري،
كل ما ولى وما ارتقبُ،
أفأسلوها ومن إحساسها،
نبع الأنس وطاب الطربُ،
صعد الخيام منها سلم،
يصل الروح بأسرار الأبد،
ورأى فيها ابن هاني متعةً
جمعت كل ملذات الجسد،
ضحكت في كفي الكأس،
فماسائني ان لامني فيها احد،
ياحبيبي هات كأسي واسقني ،
فلقد افنى غداً أو بعد غد،
أُترعت منها البواطي،
فحكى نورها الفضي مملوء النظار،
واديرت بين جمع راقصٍ،
عارم الصبوةِ مخلوع العذار ،
هذة حسناء في حضن فتىً،
جسمها الفاتن أنساهُ الوقار ،
راح يدنيها ويطوي خصرها ،
بيدٍ تحسن تذليل النفار،
أيها الشادي الذي أسمعني،
من رواة الفن أسنى الســـورِ،
لك شكري أنت قد أنسيتني،
قسوة الدهر وظلم القدرِ،
إنما رفقًا بقلب شاعــرٍ،
يتلاشى عند قرع الوتــــرِ،
ياحبيبًا رقدتْ أجفانـــه،
وتراخى جسمه فوقَ ذراعـــي،
قم فهذا الليلُ يدعونا إلـى،
سمرٍ يحلو وخمرٍ وسمــــاعِ،
أنا في قربكَ قد أدركتُ مافاتَ،
من سؤلي وولّى من طِماعي،
ليسَ لي عند زماني بغيـة،
أنت من دنيايَ حظي ومتــاعي.
