مُذْ لوعةِ الرّملِ ضوءُ القلب قد كُسِرا
وجئتُ أحملُ من نبضِ الكلامِ قرى
أعدو وأعثَرُ ولكنّي أذوب وفي كفٍّ مؤجلة الياقوت، كنتُ ثَرَى
أعدو إلى المُنتهى لاشكّ تخذلني عين المسافات إذ مدّت إليّ كرى
ولن أنم أبداً. كنتُ النّهارَ دمي للمسدلين على أنفاسيَ السُّترا
وكنتُ روح الحواريين إذ فتحوا قلب السّماء وتاهوا في الهوى غجرا
تشدّني في العماء البكر داليةٌ من البزوغ تهزّ الشعر والشُّعرا
ولي هواء المعاني الخُضر، في وطنٍ قد جاء ينهب في ترحاله السّهرا
دخلت في البحرِ أمشي فوق لهفتهِ وقاربُ الّليل بالعُشّاقِ قد سُجرا
أمامهُ رجلٌ في ظلّه اتّحدت كلّ السّماوات لمّا ساقطت كِسرا
وقبل أن يعبر التّاريخ صاحَ دمي قد آن للعجف أن يسترضي الوترا
صرختُ يا سيّدي ثمّ استدارَ إلى الأرضِ التي وقفت لكنّه عبرا
وجبت درباً لمن غابوا فجاءَ له غيماً وألقى على آثاري المطرا
وعدتُ لم يلتفت لي البحر لم أجدِ المعنى وقد ضعت في أرجائه كَدَرا
رأيته كان في لوح النّبوّة إذ مرّ الخيالُ ولم يعرف له صُورا
وكان في صلب إبراهيم محتضناً نيرانه فنَمَت أحلامه شجرا
النّارُ كانت تُخيط اللّيلَ فانشترت بمائهِ واستحالت نجمةً فجرا
إلى فناءٍ جماليّ يعجّ به قمحٌ ويُطعم من أيامه الفُقرا
لله آمنةٌ ما أنجبت ولداً بل إنّه الضوءُ يُهدي للحياة عُرى
تلقّفته يدُ البيداء وانكشفت له الفصاحةُ نهراً يصطفي نهرا
هذي حليمة مازالت تقولُ إذا جاءَ النّسيم أرى في قلبه سفرا
أرى بداياتِه والماءُ من حجرٍ يأته إليه ويدمي حزنهُ الحجرا
تكتظّ ظلّاً له الأشجارُ تعرفهُ سنابلٌ قطفت من صبرهِ ثمرا
حِراؤه كان شُبّاكاً يطلّ على الجّرح الذي بخطايا الملح ما اعتكرا
وبين عينيه بوح الوحي تقرأه خديجةٌ وترى في صدره الصُّورا
يأتي إليه أبو بكر يُصدّقه بحراً ويقطف من أعماقه الدّررا
يأتي إليه عليٌّ كان وقتئذٍ طفلاً من النّور لم يعبِئ بمن نكرا
من هؤلاء ابتدأ سِفرٌ لمرحلةٍ غيبيّةٍ في أكفّ الله قد ظُفرا
يا سيّد الصّلوات البيض قد جُمعتْ به الصّباحاتُ لما أُسرجت زُمرا
من مكّة الرّوح حتّى القُدس ملتفتٌ له البُراق وفي كُنهِ الهواء سَرَى
وراح يحمله نحو السّماء وقد غابت به من هديلِ الأمنيات قُرى
وعادَ في دمه ضوءٌ وفي يده خبزٌ ليأكلَ من صلّى ومن كفرا
وما تراخت حبالٌ في سفينتهِ لو أودعوا الشّمسَ في كفّيه والقمرا
وليس فيّ شواه إنّه أُممٌ قد خصّهُ الغيبُ بالإنسانِ فاختُصِرا
طودٌ تواضعَ في معناه نام ضحىً على الترابِ الذي قد أدمنَ الضجرا
لهُ تلاوةُ قرآنٍ له زمنٌ من معجزاتٍ لهُ في الأرضِ ما بذرا
يهدي السّماواتِ أفقاً عاشقاً ويداً تخطّ للطرقِ الموؤدةِ الأثرا
وظلَ يهدي مجرّاتٍ وأخيلةً من السّحابِ لوعي الأرض فازدهرا
كانت قريشٌ تخافُ الصّبحَ حينَ أتى شمساً وعلّقَ في حيطانها الأُطرا
وكانَ جبريلُ يجري فيه معتنقاً سيماءه ويحاكي ذلك القدرا
يُومِي إليه ويوصي الأخشبين ولا يرضى وإن صاحَ يا الله مُنكسرا
يمضي إلى هجرةٍ من مكّة انطلقت إلى المدينةِ حتى يُصلح العُمره
فعادَ بحرٌ إلى كفّيه إذ فتحَ المعنى وأورثَ من أسمائهِ جُزرا
تحكي النبوءاتُ عن فتحِ النّهارِ وعن عطرِ اليقينِ الذي قد ظلّ منتظرا
عصاكَ يا عمرَ الفاروق ألقِ بها صوب البوادي تجد أرض العراق ذُرا
كان الهواءُ مهيباً ليلُ غايته إلى البُشارات يرنو لاجئاً ليرى
في ليلِ جبّته شمسٌ مؤجلةٌ للعارفين وليلٌ في دمي انتشرا
ما زلتُ في لوعةِ الرّمل التي ولدت غيم الحياة إلى أن فزّ وانهمرا
أطلُّ طفلاً على معناه يقطفني وِردٌ فأُتلى على الزّهاد مُعتذرا
كلّ المسافات تطويها حقيقتهُ الأولى وإن ضاع َفيها الضوءُ واندثرا
محمد ٌرحمةِ الإنسانِ معجزةُ الحياةِ قد جمّعت في حُضنها البشرا