أسيرُ نحوكَ غيماً يشتهي مطرا وكنتُ قبل هطول الضّوءِ لستُ أرى
وكنتُ أبحثُ عنّي كان يدفعني هذا الفؤادُ الذي شاخَ وما كَبُرا
وما هززتُ لأغصانِ الحنينِ فقدْ اسّاقط الشّوقُ من عَينِي وانتشرا
وكنتَ أنتَ حبيبي كلّما شهَقَتْ رُوحي تنفسَك المعنى الذي انبهرا
وقبلكَ النّفسُ لم تلثِم جوانِحها ولم تباشرْ بأغوارِ الهوى سفرا
وقبلكَ الشّعرُ لم تخلُد رُؤاه وما أطلّ من فرقدِ الآتي على الشُعرا
أسيرُ نحوكَ يا مولايَ مُخفيةً وجهَ الحنينِ وبعضٌ منهُ قد ظهرا
وأمتطي صهوةَ الأضواءِ مبصرةً جلالةَ الحبِّ يحني قامةَ الكُبرا
وأنت سيّد أهلُ الحبّ كلّهمُ فكُنْ شفيعَ فؤادٍ زلّ وانكسرا
عذراً إذا قصّرَ العُشّاقُ لم يجدوا بوحاً يترجمُ ما قد شبّ واستعرا
أسيرُ نحوك صلّت خُطوتي ولهاً وكبّرت في محاريبِ الهوى عشرا
ودارتِ الأرضُ حولَ الشّمسِ في شغفٍ تقولُ يا شمسُ لن أستفقد القمرا
ولن أسائلَ غيماً أينَ وجهتهُ ولن أعاتبَ نجماً غابَ أو حضرا
فوجههُ في مرايا الفجرِ مبتسمٌ وضوؤهُ في قلوبِ العاشقينَ سرى
أسيرُ نحوكَ خلفي ألفُ قافلةٍ للشوق تخترق الآكام والقفرا
وزادُ قلبي أذكارٌ وأدعيةٌ ورتّل النّبضَ في صمتِ الدّجى صُورا
ورحتُ أنثرُ قمحَ الوجدِ فانفتحت سنابلُ الرّوحِ خُضراً تُبهر النظرا
وعندما صبّ دَمعي فاضَ سيلُ هوىً كي تغرفَ الأرضَ من نهري الذي عبرا
محمدٌ في شغافِ القلبِ منزلهُ هناك حيثُ استجدّ الحبّ واختمرا
لولاكَ يا سيّدي ما قُلتُ قافيةً ولا كتبتُ قصيداً داعبَ الوترا
لأنّكَ الحبّ تفسيرٌ لجوهرهِ فهل يُلام فؤادٌ بالهوى جَهرا؟
وهل أُلامُ أنا ما كنتُ مدركةً للعشقِ لكنّني أدركتهُ قدرا
فصارَ أجملَ أقداري وأروعها لمّا تألّق بالمحبوبِ وازدهرا
أسيرُ نحوكَ صلّى النور نافلة بمسجدِ الأفقِ الولهانِ واعتمرا
يا سيّدي أيّ حُسنٍ قد أفسّرهُ ولستَ تشبهُ يا محبوبنا بَشَرا
تقولُ للطّفلِ يبكي موتَ طائرهِ أيا عميرُ كفى حُزناً كفى كدرا
إذا ابتسمتَ تغنّى الكونُ من فرحٍ يا أزهرَ الوجهِ يا فجراً ويا قمرا
أسيرُ نحوكَ مثل الرّيح واجفةً تعانقُ الرملَ لكن تنزف الأثرا
على بُراقٍ من الأشواق تسحبُني روحي إليكَ ويبقى الجسمُ منتظرا
أقلّبُ الطّرفَ في كلّ الجّهات عسى أراكَ يا سيّدي يا حظّ من نظرا
وأستحي منك يا زين الخصالِ فإن قصّرتُ في المدحِ هذا الحبّ ما قَصُرا
فأنت قدوتنا الأولى وسيّدنا ولستَ تملكُ في حزب الهوى نُظرا
لأن حبّك يا مولاي أكبرُ من أسطورةِ العشقِ أو إلياذة الشُعرا
لأن حبّك في جيناتنا قدرٌ من يمنع القدرَ المحمودَ إنْ حضرا؟
أسيرُ نحو ألقى طيفَ آمنةٍ تقول إني رأيت الكون مزدهرا
وارتجّ إيوان كِسرى يومَ مولدهِ والنّار أطفأها النّورُ الذي انتشرا
يا أيّها المُصطفى الهادي فِداكَ أبي وكنتَ لمّا أتاك الوحي مدّثرا
فهل أذكّر قلبي أم أزمّله أم أكشف الحجبَ عن شوقٍ إليكَ سرى
وكنتَ في الغارِ جبريلَ الأمين ترى وفيك برهان ربّ العالمين يُرى
صلّى عليكَ إلهي ما مضى غبش وما أطلّ صباحٌ بِشره ظهرا
صلّ عليكَ المحبّون الذين لهم شوقٌ إليك يهزّ الضلع والوترا
صلّى عليكَ إمامٌ فوق منبرهِ يقول حيّ على الرزّاقِ يا فُقرا
صلّى عليكَ مريضٌ قلبه وجِلٌ واغرورق الدمع في عينيه واحتُضرا
صلّى عليكَ خريرَ الماءِ تعزفهُ جداولُ النّهرِ لمّا عانقت شجرا
صلّى عليكَ صبيٌّ يشتهي وطناً من دون حربٍ ويهمي دمعُهُ دُررا
صلّت عليكَ ثكالى الشّام وارتفعت قصائد المدح تمحو الحزن والكدرا
أسيرُ نحوكَ شمّاء وآمنةً وكنت شاعرةً قد آنست مطرا
توضّأت من رذاذ الطهر واعتكفت على الصّلاةِ وهذا القلبُ قد شكرا
الحمد لله إنّ الحمدَ فاتحةٌ لكلّ خيرٍ ومنه الخيرَ قد صدرا
صلاةُ ربّي على المحمودِ سيّدنا ما جادَ بالمدحِ أهلُ الذّكرِ والشُّعرا