مثل ما نعمل لكي نضمن للاجيال القادمة حياة افضل, و نواصل بطريقة دؤوبة عدم توريث هذه الاجيال اخطاءنا و مشاكلنا و عدم اهتمامنا لكثير من مصادر الحياة الموجودة في الطبيعة, يجب ان لا ننسى اننا في وقت من الاوقات كنا المستقبل المنتظر و المتطلع اليه لكي يكون له حياة اكرم من التي لقبلنا. و كما اننا نستلم و نسلم ما في جعبتنا من العلم و التطور و الحضارة يجب ان لا ننسى ان جزء كبير من الذي وصلنا له هذا اليوم هو موروث من الاجيال السابقة, و قد يعود بعض هذه الموروثات الى ازمنة غابرة جدا الى ما قبل الميلاد.
و كالابناء الفخورين بأباءهم الاوائل, عملنا على تبني الكثير من المعلومات التي وصلتنا شفاها و كتابتةً, بل نعمل حاليا الى اثبات ان العلماء الاوائل كانو على حق في كثير من النواحي.
و لكوني طبيب ساتحدث عن الكثير الممارسات الصحية و العمليات الجراحية و العلاجات الطبية التي كانت قد استعملت من قبل الاسلاف, و التي تبناها الطب الحديث و عمل على تهذيبها و تطويرها و تقنينها. و هذا الشي الذي جعل الطب الحديث اكثر نجاعة من اصوله القديمة.
و كامثلة كثيرة عن هذه الموروثات المعروفة من قبل الجميع هي قلع الاسنان و تجبير الكسور و تنظيف الجروح و تضميدها. لكني في هذا المقال ساتحدث عن ممارسات اخرى قد تكون جديدة على الكثير من القراء,فعلى سبيل المثال عملية قتح الجمجمة كانت قد استعملت ما قبل الميلاد باكثر من خمسة الاف سنة و كان المراد من هذه العمليات تقليل الضغط داخل الراس نتيجة ورم او وذمة, و في يومنا هذا يستعمل الجراحون هذه التقنية لنفس الاسباب او غيرها لكن بطريقة علمية مضمونة اكثر من ناحية النتيجة.
و في طب النسائية, فعرف المصريين الاوائل اولى طرق تنظيم الاسرة من خلال عمل بعض انواع موانع الحمل, مثل الواقي الذكري الذي كان يصنع من جلد الحيوانات و بعض الكريمات القاتلة للحيوانات المنوية و لكن النوع الذي يحمل الكثير من الدهشة هو استعمالهم حبوب منع الحمل المصنوعة من حبوب الرمان الذي يحتوي على كميات لا باس بها من هورمون الايستروجين, و كل هذه الطرق يتم استعمالها اليوم لكن بطريقة محسنة و علمية.
و حتى الادوية, حيث ان الكثير من الادوية المستعملة حاليا هي بالاصل مستقاة من الاوائل فبالاضافة لبعض المستحضرات الطبيعية و العشبية المستعملة لعلاج الامراض مثل النعناع و الثوم و البابونج, هناك بعض الادوية تم تصنيعها منذ القدم, و لكن للاسف لا نعرف عنها الشئ الكثير الا بعض الرسومات على جدران الاثار التي تشير الى استخدامهم الادوية في علاج الامراض, لكن من الادوية و الاعشاب المستخدمة والتي كنا محظوظون بمعرفتها الى هذا اليوم صبار ال الوفيرا الذي بدا استخدامه منذ الالفية الثانية قبل الميلاد. و لا ننسى الافيون المستخدم منذ اكثر من ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد من قبل سكان ما بين النهرين حيث كان يستعمل كمخدر للالم و الموت الرحيم.
فبدون الماضي لم يكن للطب اساس و بدون الحاضر لن يكون للجيال القادمة صحة.