"إنتَ؟ جيت؟
فوت، قرِّب، تعا...
تعا، تعا، ما تعتل همّ، منّي خيفان!
بتعرف إنّي ما بخاف منّك...بالعكس، صرلي زمان ناطرك، ناطرك وعم حضّر حالي...
يمكن منّي جاهز عالآخر، بس طالما جيت هلّق، يعني هلّق الوقت المُناسب...طول عمري بوثق بتوقيتك!
قعود، بشرفك قعود!
مبَلا، حابب روح معك...بس مش هلّق...قصدي مش قبل ما قلّك كم شغلة!
بعرف حكيتك كتير آخر فترة، بس ولا مرّة زعجتك ما هيك؟
...كيفني؟ إيه، ما بعرف!
منيح، قدّامُن كنت ورح ضلّ منيح...مجبور ضلّ منيح، لازم كون قوي...متل ما عرفوني وتعوّدوا علييّ وحبّوني...ما أنا بعّدت عنُّن لضلّ قوي، عالقليلة بعيونُن!
قدّامُن بعرف خبّي، بعرف مثّل، بعرف كذّب!
بس قدّامك لاء!
ما قدرت خبّرُن...
ما فيي إحرقلُن قلبُن...ما بكفّيُن اللّي فيُن؟
ما بدّي يزعلوا عليي من هلّق...ما بتحمّل شوف دموعُن...خاصّةً إمّي...إمّي وبييّ وإخواتي!
إنّو شو كان معقول قلُّن أصلاً؟
بقلُّن عم بحسب كم يوم باقيلي من هالعمر وكيف خلّي الباقي من كلّ يوم محسوب؟
بقلُّن كنت عم ودّعُن بعيوني كلّ مرّة عم شوفُن فيا لأنّا يمكن آخر مرّة بشوفُن؟
بقلُّن إنّي آخر فترة كنت عايش بس كلّ شي جوّاتي انطفت فيه الحياة؟
بقلّن مريض بس مرضي الخبيث هيدا الطبّ ما لاقالو دوا؟
بقلُّن...بقلُّن رح موت؟ بقلُّن ياها هيك متل ما هيي؟
صدّقني أهيَن قلُّن منيح!
عطيني إيدك...زعلان منّي؟
بعرف، ظلمتك كتير هالفترة...ظلمتك وقسيت عليك، وغلطت بحقّك!
بس افهمني، اللّي قطعت فيه مش هيّن، إنت عارف!
بتتذكّر كيف ضلّيت إحكيك وإشكيلك همّي...كيف كنت إبكي وصرّخ وعاتبك؟!
كنت حسّ إنّي مش طايقك، مقهور منّك، غضبان عليك... ولك حتّى مرّات شكّيت إنّك موجود، إنّك حقيقي!
حسيّتك وهم، وهم كبير، كذبة عمرا سنين...حسّيتك صنم مخترعينو نحنا البشر تنبرّر ضعفنا، تنخبّي خوفنا وتنصدّق إنّا مش وحدنا بالهدّني...
كنت عم جرّب إفهم كيف صار معي هيك، وليش أنا، أنا بالذّات...أنّا اللّي كلّ حياتي عايش كرمالك!
كنت عم فكّر ليش قبلت يصير معي هيك؟ ليش ما دافعت عنّي وحميتني؟ مش طول عمرك تقول إنّك بتحبني وبتخاف عليي؟ وإنّي كلّ شي بالنّسبة إلك؟ هيك اللّي بحبّ التّاني بيعمل فيه؟
بس غريب إنت! غريب كيف ضلّيت حدّي وما تركتني ولا لحظة...
كنت مُصرّ تحسّسني إنّك قريب منّي، إنّك معي حتّى لمّا كنت مضيّعك، لمّا ما كنت قادر حسّ فيك أو لمّا كنت حاسس فيك بس ببساطة مش قادر إتقبّل وجودك معي لأنّي محمّلك ذنب اللّي صار فيي!
غريب! بعّدت عن الكلّ بس صرت قرّب منّك أكتر وأكتر بلا ما إنتبه!
أخدت كتير وقت لإفهمك وإفهم عليك...
بقلّك شي؟ شكرًا!
شكرًا لأنّك عطيتني القوّة لإتقبّل المرض والصّبر لإتحمّل وجعي
ولأنّك من خلالُن خليتني حبّك أكتر!
شكرًا لأنّي بفضلُن خسرت الكلّ بس ربحتك، وفهمت إنّو اللّي بيناتنا مش عادي...
...قوم، مشّي معي!
بدّي فرجيك قبل ما نفلّ قدّيش كتار اللّي متلي هون...كتار!
ليك، شوف بعيونك قدّيش موجوعين...
موجوعين مش بس من برّا، وجعُن الجوّاني أكبر!
هون في وجع أجسام، وجع قلوب، وجع أرواح!
هون في وجع يمكن إنت الوحيد اللّي قادر تحسّ فيه وتخفّفوا...مش يمكن أكيد، لأنّك بتعرف قصّة كلّ قلب!
بتوعدني تبقى تزورُن وتتطمّن عنُّن؟ فيك تشفيُن وتريّحُن؟!
بس ترجع، قلُّن إنّو الحياة قصيرة، قصيرة كتير
قلُّن إنّو وقتُن هون قليل، وعم يقطع بسرعة
علّمُن إنو اللّي راح ما بيرجع، والباقي مش مضمون،
فهّمُن إنّو بكرا اليوم، وبعدين هلّق!
وعّيُن إنّو اللّي هون، ولأنّو من هون، باقي هون...
علّمُن يعيشوا، يعيشوا منيح، يعيشوا صح، لحدّ ما تتعب الحياة اللّي فيُن منُّن
علّمُن يحبّوا، يحبّوا بصدق، بشغف، بجنون، لحدّ ما يصير الحبّ يوجّعُن
علّمُن يعطوا، يعطوا من حالُن، يعطوا حالُن، يعطوا كلّ شي فيُن لحدّ ما يبلّش العطاء يخسّرُن!
لو باقيلي بعد وقت، ولنّو شويّة وقت،
كنت بقلُّن يقولوا لكلّ اللّي بحبّوُن إنُّن بحبّوُن...يقضّوا معُن وقت أكتر ويشبعوا منُّن...يتطلّعوا بعيونُن هنّي وعم يحكووُن ويحفظوا ملامحُن منيح، لأنّو بعدان رح يصيروا يتمنّوا يشوفوُن ولو حتّى بالحلم!
قلُّن عنّي...قلُّن يكسروا اللاّء، الممنوع، الأوعا، العيب، الغلط، اللاّزم،
يعملوا اللّي بحسّوا صح...أكّدلُن إنّو ما في إحساس غلط!
طلوب منُّن يكونوا هنّي، متل ما هنّي، كيف ما هنّي
لأنُّن هيك حلوين، حلوين كتير...ما يخلّوا حدا يشوّه هالحلا بعيونُن!
علّمُن يحبّوك ويوثقوا فيك ويعيشوا حياتُن كرمالك، إنت اللّي خلقت لتموت كرمالُن...قلًّن يسلموك مشاكلُن وهمومُن وجروحاتُن، وما ينسوا يشاركوك فرحاتُن وإنجازاتُن كمان... وما يخافوا، لأنّو ما بدّك منُّن إلاّ يكونوا هنّي...ما بدّك يكونوا شي...بدّك يكونوا...يكونوا بس!
وعّيُن إنّو اللّي بيعطي وجودُن معنى، هوّي اللّي وجدتُن كرمالو!
ذكّرُن إنّو بكرا رح يصيروا نتفة ذكريات وصور وأخبار...ومش رح يبقى منُّن إلاّ الفرق اللّي عملوا بقلوب النّاس...بشويّة حُب مش أكتر!
...إيه، يلا، فينا نمشي،
بفتكر صرت جاهز!
جاهز ردلّك حياتي وآخد منّك الحياة.
اللّيلة، إنت بتولد وأنا بموت،
يعني برجع بولد معك من جديد،
لأنّو معك الحياة موت موقّت، والموت حياة أبديّة!
ولأنّو بولد فيك وبتولد فيي،
!كلّ مرّة بعيش وبحبّ وبعطي... للآخِر!"