المريضة اللي في غرفة ٩ هربت يا دكتور

الموت كان أرحملها من لحظة وصول أمها

بتجرى على المستشفى أول مرة تخاف تبقى فى حضنها

الأم للدكتور: "طمني أرجوك، بنتي فى خطر؟"

رد وعينه فى الأرض: "المغتصبة هربت ملهاش أثر"

النور بدأ يغيب، الأعصاب بتسيب

أم بتنهار ومشاهد حياة بنتها بتغيم بالتدريج

نبض القلب بطيء، عرق مغطى الشفتين البيض

ثم سقوط جثة الأم أسرع من رد فعل أى طبيب

وتمر أربع شهور، باب البنت عليها مقفول

وما بتنامش وما بتاكلش ومبيدخلش أوضتها نور

وده حالها لحد وصول، مُحضر من المحكمة بيقول

جلسة نُطق الحكم على الجناة بعد ١٨ يوم

يمكن لو كان عليها، ما كانتش تشيلها يوم رجليها

للفضيحة وسط القاعة لما ينادوا المجني عليها

لكن موت أمها، وصل لها، إن الإنتقام آخر أمل

للأم علشان ترتاح داخل قبرها

(وسقطت كما سقط الجميع في بئر إحساسي بالعجز وقلة الحيلة)

(محكمة)

وتبدأ النيابة فى رثاء الفتاة المنكوبة

وتوجه التهم بأدلة وتطلب أقصى عقوبة

فتكسر وحدة صوت النيابة صرخة خوف

متهم ورا القضبان لما حس قرب الموت

قال: "لأ، موتي وموته ما اسموش عدل

متهمين الجلسة لسه أغلبهم بره الكدر

فى اللى سرق، نهب، تهمه ما ليها عدد

أنا جريمتي أذية بنت، هو جريمته أذية بلد

إحنا مجرمين، هما خلقوا بيئة مجرمين"

قاطع كلامه القاضي: "بحدد الإتهام لمين؟"

"أحدد أيه؟ ولو حددت الإستفادة إيه؟

أنا يا بيه، أهلي صرفوا على تعليمي آخر جنية

وبعد بكالريوس تجارة، فرد أمن فى حوش عمارة

أتهان استحمل ابن كل باشا لا يشتكينى لبابا

اخرتها مُقابل فيزا زور بيعت أمي دهبها

فالمركب غرقت بينا، مين يا باشا اللى مغرقها؟"

(ولكني اطالب المسؤولين الحقيقين عن هذه الكارثة بالمثول أمام عدالتكم)

(محكمة)

بعد الإستراحة رجع كل شخص مكانه

وجه القاضي التهمة وسأل التاني إيه أقواله

قاله: "أنا أتعرفت ع المتهم الأول ع المركبة

اللي كانت وخداني لحلم حرام تحلم برُبعه هنا

فجأة علي الموج، كل واحد خد فإيده طوق

من كل اللي كانوا على المركب أنجى أنا وهو من الموت

سبحان الله، كإن الواحد ساب الموت وراه

علشان يرجع يقابله هنا، اللهم لا إعتراض"

القاضى قاطعه: "يا ابني ركز على صميم الواقعة"

رد: "من ساعة ما رجعنا بيتاوينا أى مطرح

علشان هو قال رجوعه لأهله شيء محال

سابهم يفتكروه مرتاح، أصبح هم وعنهم انزاح

وأنا كده كده، لا أب، لا أم، تربية الأرصفة

أكل عيشي من التسول، طاقمي ده لابسه صيف وشتا

وفي يوم شاربين ساعة فجرية حصلت الجريمة

مش بقول إنى بريء، لكن ظروفي مش بريئة"

(كلنا فاسدون، كلنا فاسدون)

(لا أستثني أحدًا حتى بالصمت العاجز)